نزق الهزيمة لا يبني وطناً ..

الزعم بأن الفشل والمشاكل التي حصلت في الجنوب إبان السبعينات والثمانينات من جرائم وتصفيات وحروب توجت بأحداث ٨٦ ثم الذهاب للوحدة بشكل منفرد وبعده الفشل في انتخابات ٩٣ وأخيرا الهزيمة في ٩٤ هي بسبب أبناء تعز والمناطق الوسطى الموجودون بالجنوب ومؤامراتهم على الجنوبيين والتحريش بين أبنائه زعم عجيب ومضحك !! 

 

هذه السردية التي يتلقفها البسطاء والتائهون بعد فقدانهم السلطة بثقة ويقين وكانت أساس لخطاب الكراهية الموجه نحو الشمال كله؛ هي إحدى افرازات هزيمة ٩٤ التي تعرض لها النظام السابق في الجنوب، ولا تنتمي إلى الحقيقة بأي صلة بل هي إساءة وإهانة لقيادات النظام في الجنوب ونخبه السياسية إذ صورتهم هذه السردية بالعاجزين البسطاء .. 

 

أما السردية الحقيقية المعلومة للمتابع فهي أن النظام في الجنوب راهن كثيراً على تاريخ الجبهة الوطنية و امتداده في المناطق الوسطى بالشطر الشمالي، فدخل انتخابات ٩٣ مشبع بالثقة باكتساح تلك المناطق ومن ثم السيطرة على حكم اليمن بالديمقراطية، ليفاجئ بالنتيجة المخيبة جدا وظهور قوى جديدة بالساحة ربما لم يقدر حجمها بالشكل المناسب وقتها، لتتصاعد الأحداث وصولاً للهزيمة المدوية في ٩٤ وخروج النظام من السلطة ومن البلاد ..

  

نعم لقد فوت نظام صالح فرصة وطنية لإصلاح مسار الوحدة وإقامة العدالة وإزالة آثار الحرب، ولكن المستنقع الذي وضع الطرف المهزوم نفسه فيه والقائم على الكراهية والتزييف والعنصرية والمناطقية واختلاق المبررات وإيجاد الشماعات والفزاعات التي يمرر عبرها خطابه لأنصاره لم تكن ولن تكون حلاً ينقذ اليمن ولا الجنوب ، بل ستكون منطلق لإعادة إنتاج الفشل مجدداً لأن الأوطان لاتبنى وفق نزق ومشاعر الهزيمة ..

مقالات الكاتب