خطورة ما يفعله الأوروبيون والأمريكيون في صنعاء وعَمَّانْ

خلال الأسبوع المنصرم حدثت تطورات مهمة في سياق الأزمة والحرب اليمنية، التي تدخل عامها الثامن، أبرزها الخطوة التي أقدم عليها الاتحاد الأوروبي وأرسل من خلالها وفداً ضم سفراء ومستشارين اقتصاديين من كل من ألمانيا وفرنسا وهولندا وايرلندا والسويد بالإضافة إلى بعثة الاتحاد.

 

الأولويات الاقتصادية والتنموية والإنسانية التي تصدرت أجندة الزيارة لا تكفي لتحرير هذه المهمة الدبلوماسية الأوروبية الناعمة من أبعادها العدوانية التي تكمن في الرغبة الملحة من جانب الاتحاد الأوروبي في تسويق الحوثيين وتمكينهم والحيلولة دون تصنيفهم جماعة إرهابية.

 

لا أشك لحظة واحدة في أن الاتحاد الأوروبي وبريطانيا سعيا بقوة من أجل منح الحوثيين دعماً مالياً عبر التذرع بالكارثة التي يمثلها خزان صافر العائم والضغط من هذه الزاوية لإجبار الشرعية للقبول بتسوية تُضيف إلى خزينة الحرب الحوثية ما يزيد عن مائة وعشرين مليون دولار هي قيمة مبيعات الخزان النفطي الرابض في رأس عيسى قبالة شواطئ الحديدة على البحر الأحمر.

 

الولايات المتحدة بدورها نقلت النقاش حول إمكانية إعادة تصنيف جماعة الحوثي جماعة إرهابية إلى دور نشط تقوم بها بعثتها الدبلوماسية في العاصمة عمان، وهو في تقديري يصب في خانة المهمة الأوروبية السيئة ذاتها.

 

هناك حوارات يجريها في العاصمة الأردنية عَمَّانْ المبعوث الأممي بإشراف أمريكي بين الأطراف السياسية، وهي خطوة تعوم الأزمة اليمنية بشكل غير مسبوق، وتجعلها قضية نقاش بين أحزاب، لا بين السلطة الشرعية ومعسكرها السياسي وظهيرها الوطني من جهة، وبين المتمردين الانقلابيين من جهة أخرى.

 

هذه الخطوة تنطوي على خطورة بالغة إذ أن الضغط سيتجه نحو الأحزاب التي لا تمتلك القرار ولا التأثير في صناعته إذ أن الأمر يرتبط بالسلطة الشرعية المعترف بها دولياً.

 

كما أن دفع الأحزاب للقبول بصيغ للحل لا تخدم المشروع الوطني من شأنه أن يضعها تحت طائلة التهديد بفرض العقوبات مثلها مثل جماعة الحوثي، مع فارق أن الحوثي يمتلك مقدرات دولة وأرض، في مقابل شخصيات سياسية تعيش في المهجر ولا تستطيع أن تعيش في وطنها الذي تتقاسم السيطرة عليه مليشيات مرتهنة للخارج وتتصرف وفق أجندته الجيوسياسية العدائية في كل الأحوال.

 

إن النتائج التي يريد الأوروبيون تثبيتها من خلال زيارة صنعاء والتعاطي مع جماعة الحوثي المتمردة الإرهابية، تلتقي في الحقيقة مع النتائج التي تريد الخارجية الأمريكية التوصل إليها عبر حمل الأطراف اليمنية على خوض جولات محادثات لا معنى لها، ولا ترتبط باستحقاقات انهاء التمرد والانقلاب واستعادة الشرعية لنفوذها وإعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات تحت مظلة دولة وسلطة لا يهيمن عليها المتمردون.

 

إننا ندفع ثمن بقاء الرئيس عبد ربه منصور هادي على رأس السلطة، في منفى بلا نهاية وأجندة بلا هوية، وفساد بلا سلطة، واحتكار بلا إنتاج.

وندفع ثمن هيمنة تحالف سيئ للغاية، على القرار السيادي لليمن، في مرحلة تشهد فيه دولتا التحالف تحولات جذرية على كافة المستويات تقطع مع الأسس الدينية والعقائدية والثقافية، بل مع مكارم الأخلاق، بما لا يسمح بالرهان على العلاقات الأخوية وحسن الجوار والتاريخ المشترك.

 

والنتيجة هي أننا نكاد نفقد كل شيء كما يفقد أشقاؤنا في بلدان التحالف توازنهم وهويتهم وكينونتهم، دون أن يكون بيدهم ما يفعلونه لإيقاف هذه الموجة من التحولات العاصفة التي تحدث بالتزامن مع رغبة ملحة من جيل السلطة الجديد في الحصول على مشروعية دولية للحكم بدون أية التزامات ديمقراطية أو حقوقية تجاه الشعب، طالما بقي الشعب بعيداً عن معادلة السلطة.