أهمية تَكرار حملات التحصين

الجنوب الآن- خاص

  في خضم الجهود الوطنية المبذولة لحماية أطفال اليمن من أمراض الطفولة المعدية تتكرر حملات التحصين الوطنية ومنها حملات التحصين ضد فيروس شلل الأطفال لتؤكد أن الوصول إلى يمن خال من الشلل يتطلب استجابة صحية مستمرة وتعاونا مجتمعيا شاملا خاصة في ظل المعطيات الوبائية الحالية والتحديات التي تواجه النظام الصحي في بلادنا.

 

إن تكرار هذه الحملات ليس مجرد إجراء روتيني أو اختياري بل هو خط دفاع أساسي في مواجهة عودة الفيروس ولحماية الأجيال القادمة من خطر الإعاقة الدائمة، فقد شهد اليمن خلال العام الماضي والحالي تسجيل حالات إصابة مؤكدة بشلل الأطفال في بعض المحافظات المحررة وكان آخرها في محافظة مأرب بعد أن كانت الحالات تسجل في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية فقط وهو مؤشر على أن الفيروس لا يزال يتنقل بين الأطفال ويهدد صحة وسلامة المجتمع ما لم تتم الاستجابة العاجلة عبر التحصين الشامل.

 

على الرغم من أهمية التحصين الروتيني إلا أن واقع التغطية يظهر وجود فجوات بين المستهدف والانجاز نظرا لأسباب متعددة أبرزها:

- رفض بعض أولياء الأمور تطعيم أطفالهم نتيجة الشائعات والمفاهيم الخاطئة المنتشرة في بعض الأوساط.

- ضعف الوعي الصحي لدى عدد من الأسر حول أهمية اللقاح ودوره في الوقاية من الأمراض الخطيرة.

- حالات النزوح الكبيرة من مناطق سيطرة الحوثي والتي تؤثر في الوصول الى تغطية الفئات المستهدفة كاملة.

ولهذا تأتي الحملات الوطنية الطارئة كاستجابة مرنة وسريعة لسد هذه الثغرات وضمان وصول اللقاح إلى كل طفل.

 

 أن المناطق التي تخضع للمليشيات الحوثية تعتبر خارج السيطرة وينتشر فيها فيروس الشلل دون الاعلان عن الأرقام الحقيقية للاصابات ففي الوقت الذي تبذل فيه وزارة الصحة في الحكومة الشرعية جهودًا كبيرة في المحافظات المحررة تواصل ميليشيات الحوثي منع تنفيذ أي حملات تحصين في مناطق سيطرتها وترفض مشاركة البيانات حول الإصابات بالأمراض الوبائية ككل وليس شلل الاطفال فقط مما يجعل تلك المناطق مصدرا مستمرا لتصدير الفيروسات وعلى رأسها فيروس شلل الأطفال وهذا التكتّم والامتناع عن تحصين الأطفال يشكل تهديدا مباشرا لبقية المناطق ويفرض على الوزارة وشركائها تكثيف الحملات في المحافظات الآمنة لحماية الأطفال من العدوى المحتملة.

 

من المهم أن يعرف كل ولي أمر أن إعطاء الطفل عدة جرعات فموية من لقاح شلل الأطفال آمن تماما بل ان الجرعات المتكررة تعزز مناعة الطفل ضد الفيروس كما ان الطفل يحتاج إلى التطعيم خلال الحملات حتى ولو حصل على لقاحاته الروتينية سابقا كما ان الحملة ليست بديلا عن التطعيم الروتيني بل مكملا ضروريا له في ظل وجود الفيروس في البيئة المحيطة. 

 

 شلل الأطفال مرض لا علاج له ويمكن أن يسبّب إعاقة دائمة خلال ساعات والوقاية الوحيدة المتاحة منه هي التحصين المبكر والمتكرر ويعتبر كل طفل غير محصن هو حلقة ضعف قد تسمح للفيروس بالانتقال مجددا كما ان تحصين طفل واحد هو حماية لعشرات الاطفال من حوله.

 

إن نجاح جهود التحصين لا يعتمد فقط على الكوادر الصحية وفرق التحصين بل يتطلب تكاتف كلا من

- الأسرة (الأب والأم الواعيان).

- قادة المجتمع المحلي والديني والإعلامي.

- السلطات المحلية.

- القيادة السياسية والحكومة.

وإذا لم يقف المجتمع وقيادة الدولة إلى جانب وزارة الصحة فلن تتمكن الوزارة من تحقيق أهداف الصحة العامة منفردة فالصحة مسؤولية وطنية وحمايتها تتطلب شراكة حقيقية من الجميع.

 

بمناسبة انطلاق الحملة الوطنية الطارئة للتحصين ضد شلل الأطفال تدعو وزارة الصحة العامة والسكان جميع الآباء والأمهات إلى فتح الأبواب لتحصين جميع الأطفال دون سن الخامسة خلال أيام الحملة من 12 إلى 14 يوليو الجاري كما تدعو كل قادر منهم الى نشر الوعي بين الأسر والجيران والزملاء بأهمية التطعيم والتصدي للشائعات والمعلومات المضللة، وفي هذه الجولة تسعى وزارة الصحة لتحصين ما يزيد عن 1.3 مليون طفل دون الخامسة عبر فرق ميدانية متنقلة تعمل من منزل إلى منزل في عموم المحافظات المحررة وفي جميع المرافق الصحية وبدعم شركاء الصحة كالمبادرة العالمية لإستئصال شلل الاطفال ومنظمة الطفولة اليونيسف ومنظمة الصحةالعالمية.

 

ختاما نقول إن تحصين الأطفال ليس خيارا بل ضرورة وطنية لحماية مستقبل اطفال اليمن فلنتكاتف جميعا من أجل يمن خال من الشلل ولنجعل من كل حملة خطوة نحو القضاء النهائي على هذا المرض المدمر.

 

د. عارف محمد الحوشبي

مدير عام المركز الوطني للتثقيف

والاعلام الصحي والسكاني

مقالات الكاتب